فصل: قال مجد الدين الفيروزابادي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة الفتح:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
عن ابن عبّاس: لمّا نزلت هذه السّورة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد أُنزِل عليّ سورة هي أَحبّ إِليّ من الدنيا وما فيها».
وفيه حديث أُبي السّاقط: «مَن قرأ سورة الفتح فكأَنَّما كان مع مَنْ بايع رسول الله تحت الشجرة»، وحديث علي: «يا علي مَنْ قرأها دعته ثمانية أَبوبا الجنَّة، كلّ باب يقول: إِليّ إِليّ يا وليّ الله، وله بكل آية قرأها مثل ثواب مَن يموت غريبًا في طاعة الله». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة الفتح:
مقصودها مدلول اسمها الذي يعم فتح مكة وما تقدمه من صلح الحديبية وفتح خيبر ونحوهما، وما وقع تصديق الخبر به من غلب الروم على أهل فارس وما تفرع من فتح مكة المشرفة من إسلام أهل جزيرة العرب وقتال أهل الردة وفتوح جميع البلاد الذي يجمعه كله إظهار الذين على الدين كله، وهذا كله في غاية الظهور بما نطق ابتداؤها {ليظهر على الدين كله} {محمد رسول الله} إلى قوله: {ليغيظ بهم الكفار} أي بالفتح الأعظم وما دونه من الفتوحات {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة} كما كان في أولها للرسول صلى الله عليه وسلم {وأجرا عظيما} كذلك بسائر الفتوحات وما حوت من الغنائم للثواب الجزيل على ذلك في دار الجزاء. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}:

السّورة مدنيّة إِجماعًا.
آياتها تسع وعشرون.
وكلماتها خمسمائة وستّون.
وحروفها أَلفان وأَربعمائة وثمان وثلاثون.
وفواصل آياتها على الأَلف.
وسميت سورة الفتح؛ لقوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا}.

.معظم مقصود السّورة:

وَعْد الرسول صلى الله عليه وسلم بالفتح والغفران، وإِنزال السَّكِينة على أَهل الإِيمان، وإِيعاد المنافقين بعذاب الجحيم، ووعد المؤمنين بنعيم الجِنَان، والثناءُ على سيّد المرسلين، وذكر العهد، وبَيْعة الرّضوان، وذكر ما للمنافقين من الخِذلان، وبيان عُذْر المعذورين، والمنَّة على الصّحابة بعدم الظفر عليهم من أَهل مكة ذوى الطغيان، وصدق رؤيا سيّد المرسلين على حَقِّية الرّسالة، وشهادة الملِك الدّيّان، وتمثيل حال النبي والصّحابة بالزَّرع والزُّرَّاع في البهجة والنضارة وحسن الشان.
والسّورة خالية عن المنسوخ.

.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

.قال ابن جماعة:

سورة الفتح:
134- مسألة:
قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} ثم قال تعالى بعده: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}.
جوابه:
لما ذكر ذلك النصر، وما يترتب عليه من فتح مكة، ومغفرة له، وتمام لنعمته عليه وهدايته مع ظهور صدهم،، وما لقوا من عنت الكفار، ختم الآية بقوله تعالى: {عَلِيمًا حَكِيمًا} أي: {عَلِيمًا} بما يترتب على ذلك الصد من الفتح، وصلاح الأحوال، {حَكِيمًا} فيما دبره لك من كتاب الصلح بينك وبين قريش، فإنه كان سبب الفتح.
وأما الثاني: فلما ذكر ما أعده للمؤمنين من الجنات، وتكفير السيئات، وتعذيب المنافقين والمشركين، ختمه بقوله تعالى: {عَزِيزًا} أي: قادر على ذلك {حَكِيمًا} فيما يفعله من إكرام المؤمن، وتعذيب الكافر.
414- مسألة:
قوله تعالى: {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} الآية. وفى المائدة: {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}؟.
جوابه:
أن آية الفتح مع قوم مخاطبين بذلك، فناسب التأكيد والتخصيص بقوله تعالى: {لكم}. وآية المائدة: عامة لا تختص بقوم، ولذلك قال تعالى: {وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}.
415- مسألة:
قوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} فزاد الاستثناء من الله تعالى مع قوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وهو عالم بما كان وما يكون؟.
جوابه:
أن ذلك تعليم لعباده، وتأديب لهم في كل أمر سابق ومستقبل يعزم عليه. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

المتشابهات:
قوله: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} وبعد: {عَزِيزًا حَكِيمًا} لأَنَّ الأَوّل متَّصل بإِنزال السّكينة، وازدياد إِيمان المؤمنين، (وكان) الموضع علم وحكمة.
وقد تقدّم ما اقتضاه الفتح عند قوله: {وَيَنْصُرُكَ اللَّهُ} وأَمَّا الثاني والثالث الذي بعد فمتصلان بالعذاب والغضب وسلب الأَموال والغنائم (وكان الموضع) موضع عِزّ وغلبة وحكمة.
قوله: {قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا}، وفى المائدة: {فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ} زاد في هذه السّورة (لكم) لأَنَّ ما في هذه السّورة نزلت في قوم بأَعيانهم وهم المخلَّفون، وما في المائدة عامّ لقوله: {أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا}.
قوله: {كَذَلِكُمْ قال الله} بلفظ الجميع، وليس له نظير.
وهو خطاب للمضمرين في قوله: {لَنْ تَتَّبِعُوْنَا}.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال ابن عاشور:

سورة الفتح:
سورة {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1].
سميت في كلام الصحابة سورة الفتح.
ووقع في صحيح البخاري عن عبد الله بن مغفل بغين معجمة مفتوحة وفاء مشددة مفتوحة قال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة سورة الفتح فرجع فيها.
وفيها حديث سهل بن حنيف لقد رأيتنا يوم الحديبية ولو ترى قتالا لقاتلنا.
ثم حكى مقاله عمر إلى أن قال فنزلت سورة الفتح ولا يعرف لها اسم آخر.
ووجه التسمية أنها تضمنت حكاية فتح متجه الله للنبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي.
وهي مدنية على المصطلح المشهور في أن المدني ما نزل بعد الهجرة ولو كان نزوله في مكان غير المدينة من أرضها أو من غيرها.
وهذه السورة نزلت بموضع يقال له كراع الغميم بضم الكاف من كراع وبفتح الغين المعجمة وكسر الميم من الغميم موضع بين مكة والمدينة وهو واد على مرحلتين من مكة وعلى ثلاثة أميال من عسفان وهو من أرض مكة.
وقيل نزلت بضجنان بوزن سكران وهو جبل قرب مكة ونزلت ليلا فهي من القرآن الليلي.
ونزولها سنة ست بعد الهجرة منصرف النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية وقبل غزوة خيبر.
وفي الموطأ عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره أي منصرفه من الحديبية ليلا وعمر بن الخطاب يسير معه فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه فقال: عمر ثكلت أم عمر نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك.
قال عمر: فحركت بعيري وتقدمت أمام الناس وخشيت أن ينزل في القرآن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي، فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن، فجئت رسول الله فسلمت عليه فقال: «لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب الي مما طلعت عليه الشمس» ثم قرأ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] ومعنى قوله لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس لما اشتملت عليه من قوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ} [الفتح: من الآية: 2].
وأخرج مسلم والترمذي عن أنس قال أنزل على النبي {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ} إلى قوله: {فَوْزًا عَظِيمًا} [الفتح: 2-5] مرجعه من الحديبية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد أنزلت علي آية أحب إلي مما على وجه الأرض ثم قرأها.
وهي السورة الثالثة عشرة بعد المائة في ترتيب نزول السور في قول جابر بن زيد.
نزلت بعد سورة الصف وقبل سورة التوبة.
وعدة آيها تسع وعشرون.
وسبب نزولها ما رواه الواحدي وابن إسحاق عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا فنحن بين الحزن والكآبة أنزل الله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} فقال رسول الله: «لقد أنزلت علي آية أحب إلي من الدنيا وما فيها» وفي رواية: «من أولها إلى آخرها».
أغراضها:
تضمنت هذه السورة بشارة المؤمنين بحسن عاقبة صلح الحديبية وأنه نصر وفتح فنزلت به السكينة في قلوب المسلمين وأزال حزنهم من صدهم عن الاعتمار بالبيت وكان المسلمون عدة لا تغلب من قلة فرأوا أنهم عادوا كالخائبين فأعلمهم الله بأن العاقبة لهم، وأن دائرة السوء على المشركين والمنافقين.
والتنويه بكرامة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه ووعده بنصر متعاقب.
والثناء على المؤمنين الذين عزروه وبايعوه، وأن الله قدم مثلهم في التوراة وفي الإنجيل.
ثم ذكر بيعة الحديبية والتنويه بشأن من حضرها.
وفضح الذين تخلفوا عنها من الأعراب ولمزهم بالجبن والطمع وسوء الظن بالله وبالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنعهم من المشاركة في غزوة خيبر، وإنبائهم بأنهم سيدعون إلى جهاد آخر فإن استجابوا غفر لهم تخلفهم عن الحديبية.
ووعد النبي صلى الله عليه وسلم بفتح آخر يعقبه فتح أعظم منه وبفتح مكة.
وفيها ذكر بفتح من خيبر كما سيأتي في قوله تعالى: {فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح: من الآية: 20]. اهـ.

.قال سيد قطب:

سورة الفتح:
الوحدة الأولى: 1- 17 الموضوع: الحديبية فتح وفضل الله على رسوله وذم المخلفين من الأعراب.
تقديم لسورة الفتح:
هذه السورة مدنية، نزلت في السنة السادسة من الهجرة، عقب صلح الحديبية؛ وهي تتناول هذا الحادث الخطير وملابساته؛ وتصور حال الجماعة المسلمة وما حولها في إبانه: فبين وقت نزولها ووقت نزول سورة (محمد) التي تسبقها في ترتيب المصحف، نحو من ثلاث سنوات، تمت فيها تغيرات هامة وخطيرة في أحوال الجماعة المسلمة في المدينة. تغيرات في موقفها وموقف المناوئين لها، وتغيرات أهم في حالتها النفسية وصفتها الإيمانية، واستوائها على المنهج الإيماني في إدراك ونضج عميق.
وقبل أن نتحدث عن السورة وجوها ودلالتها يحسن أن نمر بصورة للحادث الذي نزلت بصدده. لنعيش في الجو الذي كان المسلمون يعيشون فيه، وهم يتلقون هذا التنزيل الكريم:
لقد أري رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه أنه يدخل الكعبة هو والمسلمون محلقين رؤوسهم ومقصرين. وكان المشركون قد منعوهم منذ الهجرة من دخول مكة، حتى في الأشهر الحرم التي يعظمها العرب كلهم في الجاهلية، ويضعون السلاح فيها؛ ويستعظمون القتال في أيامها، والصد عن المسجد الحرام. حتى أصحاب الثارات كانوا يتجمعون في ظلال هذه الحرمة، ويلقى الرجل قاتل أبيه أو أخيه فلا يرفع في وجهه سيفا، ولا يصده عن البيت المحرم. ولكنهم خالفوا عن تقاليدهم الراسخة في هذا الشأن؛ وصدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين معه طوال السنوات الست التي تلت الهجرة. حتى كان العام السادس الذي أريفيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الرؤيا. وحدث بها أصحابه- رضوان الله عليهم- فاستبشروا بها وفرحوا.
ورواية ابن هشام لوقائع الحديبية هي أوفى مصدر نستند إليه في تصورها. وهي في جملتها تتفق مع رواية البخاري ورواية الإمام أحمد ومع تلخيص ابن حزم في جوامع السيرة وغيرهم.
قال ابن إسحاق: ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة شهر رمضان وشوالا بعد غزوة بني المصطلق وما جاء في أعقابها من حديث الإفك وخرج في ذي القعدة معتمرا لا يريد حربا. واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي من الأعراب ليخرجوا معه؛ وهو يخشى من قريش الذي صنعوا أن يعرضوا له بحرب، أو يصدوه عن البيت. فأبطأ عليه كثير من الأعراب. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المهاجرين والأنصار، ومن لحق به من العرب؛ وساق معه الهدي، وأحرم بالعمرة، ليأمن الناس من حربه، وليعلم الناس أنه إنما خرج زائرا لهذا البيت ومعظما له.
قال: وكان جابر بن عبد الله- فيما بلغني- يقول: كنا أصحاب الحديبية أربع عشرة مائة.
قال الزهري: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي. فقال: يا رسول الله! هذه قريش قد سمعت بمسيركَ، فخرجوا معهم العوذ المطافيل، قد لبسوا جلود النمور؛ وقد نزلوا بذي طوى، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا. وهذا خالد بن الوليد في خيلهم، قد قدموها إلى كراع الغميم. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا ويح قريش! لقد أكلتهم الحرب. ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب؟ فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة. فما تظن قريش؟ فوالله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله، أو تنفرد هذه السالفة». ثم قال: «من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها؟»..
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر، أن رجلا من أسلم قال: أنا يا رسول الله. قال: فسلك بهم طريقا وعرا أجرل بين شعاب. فلما خرجوا منه- وقد شق ذلك على المسلمين- وأفضوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس: «قولوا نستغفر الله ونتوب إليه». فقالوا ذلك. فقال: «والله إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل، فلم يقولوها».